ما حكم تولي المرأة القضاء في المذاهب الأربعة، القضاء من ابرز المناصب العليا في الدولة، ويحتاج إلى شخصية قوية لتولي شؤونه، والفصل في الأحكام القضائية بين المتخاصمين، ويجب أن يكون القاضي ملما بجميع علوم حيثيات القضية، ويحتاج لقاضي يحكم بالعدل دون خوف من أحد، وبطبيعة الحال فإن المرأة غالبا شخصيتها ضعيفة وربما لا تستطيع البت في قضايا قضائية، فهل أجاز الشرع تولي المرأة القضاء وما هو رأي الفقهاء الأربعة في ذلك.
حكم تولي المرأة القضاء في المذاهب الأربعة
اختلف فقهاء المذاهب الأربعة في حكم تولي المرأة لمنصب القضاء، ولكل مذهب منهم رأي مخالف للاخر، ويأتي رايهم بناء على الأدلة والبراهين التي على أساسها أصدر حكم تولي المرأة للقضاء، وهذه الاراء هي:
- مذهب الجمهور: قال جمهور العلماء ومنهم الشافعية والحنابلة والمالكية، بأنه لا يجوز تولي المرأة منصب القضاء، ولا اي نوع منها، مثل قضايا الأموال، والحدود والقصاص، وقضايا الرجال وغيرها، وأعدوا من يوليها القضاء اثما شرعا، ولا يؤخذ بقضائها حتى لو كان متوافقا مع الحق.
- مذهب الحنفية: ورد بالعديد من كتب الفقه عن أن الحنفية أجازوا للمرأة تولي القضاء في القضايا التي يجوز لها أن تكون شاهدة فيها، عدا قضايا الحدود والقصاص فلا يجوز لها توليها، ورأو بأن قضائها يجب أن يتوافق مع كتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
- رأي ابن جرير الطبري: يقول المفسر والفقيه والمؤرخ الطبري، بأنه يجوز للمرأة تولي القضاء، في جميع القضايا، دون حد أو قيد في كافة القضايا.
أدلة مذاهب العلماء في حكم تولي المرأة القضاء
كل مذهب من مذاهب العلماء قال حكمه في تولي المراة للقضاء، بناء على مجموعة من الأدلة التي استند عليها في حكمه، وأدلة مذاهب العلماء في تولي المرأة للقضاء هي:
- أدلة مذهب الجمهور الرأي الاول: استدلوا بالاية الكريمة (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا)، حيث استدلوا منها بأن القوامة في الرجال لا في النساء، واستدلوا منالسنة بقول النبي (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).
- أدلة المذهب الحنفي الرأي الثاني: استندوا إلى حديث المذهب الاول وهو (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) ولكنهم أثبتوا الكراهة في تحريمه، لا إثبات تحريمه، واستدلوا بالقياس بأن المرأة يجوز لها أن تشهد في القضايا الغير متعلقة بالحدود والقصاص، وبما أنه يجوز لها الشهادة في غيرها من القضايا فإنه يجوز لها أن تحكم في القضايا التي من الممكن أن تكون شاهدة فيها.
- أدلة ابن جرير الرأي الثالث: استدل بقوله تعالى (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء)، فيجوز للمرأة تولي القضاء بناء على قبول شهادتها، واستندوا لحديث النبي (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته… والمرأة في بيت زوجها راعية، وهي مسؤولة عن رعيتها) فيجوز لها تولي القضاء بناء على ولايتها بيت زوجها.
حكم تولي المرأة القضاء في الترجيح والإختيار
اختلف علماء العصر في الأخذ بالرأي الأصح في حكم تولي المرأة القضاء، بين مؤيد ومعارض، فبعضهم ذهب إلى جواز توليها القضاء من حيث شخصيتها الذاتية وقدرتها على تولي القضاء، وقالوا بأن المرأة في العصر الحديث، تختلف عن المرأة على مر العصور الماضية، فهي مدركة ومتعلمة والعديد منهن لديهن القدرة على تولي القضاء أكثر من الرجال، وذهب اخرون إلى جواز تولي المرأة للقضاء بأن يكون طرفا الخصومة من النساء، وبشرط أن لا تكون القضايا لها علاقة بمسائل الحدود والقصاص.
اختلف العلماء في حكم تولي المرأة للقضاء، منهم من ذهب إلى جواز توليها ولكن بشروط، ومنهم ذهب لجواز توليها دون حد أو قيد، ومنهم من لم يجز لها تولي القضاء، وفي اختلاف أهلم العلم في ذلك رحمة للعالمين.