هل الانسان مسير ام مخير، يعتبر هذا السؤال واحد من أكثر الأسئلة الوجودية والتي اختلف بها العديد من العلماء والأئمة، فكل ما يجري في الكون هو من قضاء الله تعالى وسبق علمه، حيث أن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق الخلق، ولكن الله جعل للعبد اختيار ومشيئة وإرادة يختار من خلالها طريق الخير أو الشر والتي يحاسب بعد ذلك على أفعاله التي اختارها لنفسه، فهل بهذا يكون الانسان مسير في الحياة ام أنه مخير، من خلال السطور التالية سوف نجيب على هذا السؤال بشيء من التفصيل والإقناع العقلي بالأدلة والبراهين.
الإيمان بأن الإنسان مسير أم مخير
لا يمكن الجزم بأن الإنسان مخير تماماً أو ميسر تماماً، ولكنه مسير في بعض الأمور ومخير في الاخرى، فيكون التسيير في أمور القضاء والقدر والأمور التي خلق الإنسان لها حيث لا يستطيع تغيير شي فيها، كالعائلة والصفات الخلقية التي جُبل عليها، حيث أن الإنسان لا يستطيع اختيارها أو تغييرها، أما التخيير فيكون أن الله أعطاه عقل وسمع وبصر يمكنه من خلالها التمييز بين الخير والشر بين الباطل والحق، وبين النافع والضار، ولهذا يثاب الإنسان على الحق إن اختاره ويعاقب على اختياره للباطل.
هل القضاء ينفي إرادة الإنسان
قد يعتقد البعض أن القضاء يلغي حق الإنسان في الاختيار ولكن الحقيقة هي في الاتجاه المعاكس، فالله يعلم سائر تصرفات الإنسان الاختيارية والقسرية، ولكن المفاد هو الإخبار عن تقدم علم الله بما يكون من إكساب العبد وصدورها عن تقدير منه، فالقضاء أكثر من علم الله بما يجري وما سيجري في الكون الذي لا يستوجب الجبر والإلزام، وهي صفة كاشفة، وبسعي الإنسان وجهده يمكنه الإصلاح والتغيير، حيث أن التخطيط للمستقبل لكل إنسان لا يدخل في باب الادارة والاختيار.
الاختيار في حياة الإنسان
التخيير في حياة الإنسان تنقسم إلى ثلاثة أقسام تبدأ بالتخيير المنضبط من خلال الخروج عن تعاليم الشريعة وتكون له الحرية ولكنه يلتزم ويطيع الأوامر ويبقى في ظل الشرع، والنوع الآخر هو التخيير غير المنضبط حيث يخرج الإنسان عن أوامر الشريعة ويخالفها بإرادته واختياره، ولكنه يحاسب على المخالفة للأوامر، والقسم الأخير هو التخيير المطلق المباح، والذي يمكن للإنسان من خلاله فعل الأمور المباحة بإدارته واختياره.
هي الإنسان مخير أم مسير
الإنسان مسير فيها خارجة عن إدارته، وهي الأمور التي وجد عليها وخلق بها، أما مخير فيها فيكون من قصد وإرادة صاحبها كالقيام بالصلاة، حيث يمكن أن تتعرض الإرادة إلى التشويش من الأطراف الداخلية للإنسان كالمشاعر والانفعالات، ويبقى العقل هو الملاذ من أجل اتخاذ القرارات الصحيحة حتى لا يتم فقد الإرادة وفاعليتها وسلطانها.
ختاماً، يمكننا الجزم أن الإنسان لا يكون في الحياة الدنيا مخير تماماً، أو مسير تماماً، ولكنه يتعرض إلى هذا وذاك حسب الأمور التي يتعامل معها، والتي جُبل عليها.