من هو اول من كسا الكعبة، كسوة الكعبة تحتل الكعبة مكانة كبيرة في نفوس المسلمين لما لها من قدسية في نفوسهم، فهي قبلة المسلمين وكعبتهم المشرفة ومهوى الأفئدة، وقد تسابق العرب قديما وحديثاً لكسوتها، لما يعتقدون من شرف عظيم ومكانة لما يقوم بالكسوة، والكسوة وهي ثوب من الحرير الأسود المنقوش عليه آيات من القران من ماء الذهب، تكسى بها الكعبة مرة كل عام وهو يوم التاسع من ذي الحجة وذلك خلال موسم الحج.
أول من كسا الكعبة المشرفة
يعد الاهتمام بالكعبة وكسوتها من مظاهر الاهتمام والتشريف، ولذلك تسابق إليها الناس في كسوتهم لها، ومما تذكره الروايات أن أول من كسا الكعبة هو تبع الحميري ملك اليمن، وذلك قبل الإسلام، حيث زارها ودخلها دخول الطائفين، وصنع لها بابا ومفتاحا، واستمر في كسوة الكعبة فكساها بالخصف، وهي ثياب غلاظ، ثم كساها المعافى ثم كساها الملاء والوصائل، وكساها خلفاؤه من بعده بالجلد والقباطي، ثم من بعد تبع الحميري كساها الكثيرون، حتى آلت الأمور إلى قصي بن كلاب الجد الرابع للرسول صلى الله عليه وسلم والذي كان له الدور الأكبر في تنظيم الكسوة بعد ان جمع القبل وعرض عليهم التعاون والمشاركة كل حسب مقدرته في كسوة الكعبة .
أول من كساها من النساء
وذكرت الروايات أن أول امرأة كست الكعبة هي نتيلة بنت جناب، زوجة عبد المطلب وأم العباس، وذلك لما ضاع ابنها الضائع نذرت لله إن عاد لها ولدها لتكسون الكعبة، فكانت أول إمرأة في التاريخ كست الكعبة، ثم ظهر أبو ربيعة عبد الله بن عمرو المخزومي، فكان يكسو الكعبة بمفرده عاماً، والعام الآخر تجتمع قريش فتكسوها. وبقي الأمر هكذا ، يكسوها أبو ربيعة عاما وجميع قريش عاما حتى مات، وسمته قريش العدل، لأنه عدل بفعلته هذه قريشا كلها.
الكسوة في العهد الإسلامي
تتابع الناس على كسوة الكعبة حتى آل أمرها إلى قريش، فكانت تكسوها وتقوم على رعاية الكعبة حتى جاء الفتح الإسلامي لمكة المكرمة، فدخلوها والكعبة مكسوة، وبقيت بكسوتها حتى جاءت امرأة تريد تبخيرها فاحترقت الكسوة، فكساها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالثياب اليمانية ثم كساها الخلفاء الراشدون من بعده بالقباطي والبرود اليمانية وهكذا تتابع المسلمون على كسوة الكعبة حتى يومنا هذا.
تاريخ صناعة الكسوة المشرفة
ومما يذكر أن أمر صناعة ثوب الكعبة المشرفة كان قد آل إلى مصر وبالتحديد مدينة تنيس المصرية التي اشتهرت بالمنتجات الرائعة والثمينة، فصنعوا الكسوة بالحرير الأسود ، ثم بدأوا بتطريز الكلمات القرآنية عليها، وهذا كان في عهد الدولة العباسية والتي اجتهد خلفاؤها بالتجديد والتطوير في كسوة الكعبة، ومما يُذكر أن المهدي حج ذات سنة فأخبره عامل مكة أن الأثواب على الكعبة كثيرة والبناء ضعيف، ويخشى عليها من الهدم ، فأمر المهدي بتجريدها من كل الأثواب، ويبقى فقط ثوبا واحدا، وبقي الأمر معمولا به حتى يومنا هذا.
دور المملكة العربية السعودية في صناعة الكسوة
بقيت مصر تحوز شرف صناعة وحياكة ثوب الكعبة حتى عام ١٩٦٢م حتى تولت المملكة العربية السعودية شرف صناعة ثوب الكعبة، وأقامت مصنعا خاصا بصناعة الكسوة يعمل فيه أمهر العمال والصناع، لتخرج في أبهى صورة، حيث تم بناء هذا المصنع في أم الجود بمكة المكرمة ، ولا زالت الكسوة الشريفة تصنع به حتى يومنا هذا.
مراحل التصنيع والكسوة
تعتبر كسوة الكعبة الثوب الأغلى في العالم حيث يستهلك الحرير الأسود الخالص المستورد من دولة إيطاليا، وتمتد صناعة الثوب لثمانية أشهر، حيث يتم خلالها استكمال مراحل خياطة الثوب وانتهاء بيوم تغيير الثوب القديم واستبداله بالجديد على جدران الكعبة المشرفة ، في يوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفة يوم وقوف الحجاج على جبل عرفات، يؤدون فيه الركن الأعظم من مناسك الحج وتقدر تكلفة الثوب المادية ما بين ٢٢ إلى ٢٥ مليون ريال سعودي سنويا.
في ختام المقال تحدثنا في هذه المقالة عن كسوة الكعبة المشرفة وأول من كساها ومراحل وتاريخ كسوتها، وما كان كل هذا الاهتمام الا لعظم ومكانة الكعبة المشرفة في نفوس المسلمين جميعا، رزقنا الله وإياكم حج بيت الله الحرام.